النشأة العلمية للشيخ أحمد كاكه محمود:
لقد نشأ الشيخ أحمد كاكه محمود نشأة دينية منذ نعومة أظفاره، وتربى تربيةً دينية وكبرت ملكته بالقراءة وتلقى العلوم الشرعية، ولحرص والديه على أن يوجهاه وجهة سديدة صالحة، حيث شغف منذ صغره بالعلم وتلقيه من أفواه الشيوخ، إذ عين والده له مع أخيه الأكبر محمود كفالة شهرية يعطيه للشيخ في القرية حتى يعلمه القرآن ومبادىء العلوم الاسلامية ، ويبدأ الشيخ أحمد بقراءة القرآن عند شيخه (السيد ملا حسين) ومع هذا بدأ بدراسة مبادىء النحو والصرف واللغة والتجويد عنده أيضاً ، وجدير بالذكر أنه ليس وحيداً في طلب العلم، بل معه جماعة من أولاد أهل القرية أمثال: (السيد حمه مراد ومن بينهم أيضاً أخيه محمود ولكنهم لم يوفقوا أن يكملوا القراءة ولم يتمكن لهم الحصول على اِدامة الدراسة ، هذا وقد ختم القرآن عند شيخه (السيد ملا حسين) مع دراسة العلوم الأولية آنذاك، أمثال: كتاب (الأحمدي) في اللغة، وكتاب (كولستان السعدى) فى الأدب الفارسي، وكتابي (العوامل للجرجانى وللبركوي) في النحو، ثم بعد أن رحل الشيخ من قريته إلى قرية (هانه ي دن ) رحل إليه وكمل عنده مابقي من العلوم الأولية من علم اللغة والنحو والصرف ، ثم بدأ الشيخ أحمد برحلاته لتحصيل العلوم في القرى والمدن في كودستان كعادة الطلاب العلم في كوردستان آنذاك .
رحلاته العلمية أثناء دراسته:
هذا وقد قام الشيخ احمد كاكه محمود برحلاته العلمية وبدأ أولاً بالتعليم من قريته (يالانبي) ثم لأجل إدامة الدراسة وتحصيل العلوم الإسلامية عند الشيوخ والعلماء في كوردستان زار مدارس أهلية كثيرة للعلوم الشرعية في كوردستان العراق وإيران في حياته العلمية حيث توجه إلى قرية (هانه دن) بعدما رحل شيخه السيد ملا حسين من قريتهم (يالانبي) اليها ثم رحل إلى قرية (ته بي صفا) التي تسكنها أخته الكبرى معصومة رحمها الله ، وكان في قرية (ته بي صفا) يسكن الأستاذ الفاضل العالم بالعلوم الإسلامية السيد نجم الدين طه ويترأس مدرسة كبيرة فى القرية، حيث يتوجه إليها طلاب العلم في كوردستان العراق وإيران، ويدرس فيها العلوم الإسلامية كعلم (اللغة العربية وقواعد علم النحو وعلم الصرف وعلم التجويد والتفسير وعلم الفرائض (الميراث) ــــ حيث كان الشيخ متبحراً فيها ــــ وعلم المنطق والفقه وعلم الأصول وعلوم أْخرى ) وبدأ الشيخ أحمد دراسته عند الشيخ المربي السيد نجم الدين طه، وبقى هناك مدة عامين واستفاد من الشيخ العلم والثقافة والفهم بالعلوم الاسلامية لأن الشيخ نجم الدين كان بارعاً في العلوم الإسلامية ومع هذا عنده الثقافة الاسلامية وفهماً صحيحاً للإسلام ودعوته ، ثم يرحل مرة أخرى إلى قرية (هانه دن) وكان يسكن فيها الشيخ الملا مصطفى رحمه الله ويواصل دراسته عنده في جامع ومدرسة القرية، وبعد مدة من البقاء في تلك المدرسة واستفادة من الشيخ مصطفى، ثم استأذن منه، وقرر أن يرحل إلى كوردستان إيران، حقيقةً كان شيخنا أحمد له حب شديد للعلم والتعلم ولهذا قرر أن يصبر عليها ويتحمل مشقاتها ويذوق مرارة العيش والبعد عن الأقرباء والأحباء في سبيل كسبها وخاصة والديه العزيزين الذين كان ولدهم كل أملهما في نجاح الآخرة، ولهذا قرر أن يسافر إلى دولة أخرى مع طالبين اثنين وكانا من أقرباء الشيخ اسمهما الملا أحمد نعمتي والملا عزت الدزاوري ، وقررا أن يجوبوا مدن والقرى الإيرانية لأجل الحصول على الدراسة والاستفادة من علماء منطقة (هورامان)، واستقروا في مدرسة مشهورة للعلوم الشرعية في قرية (بالك ) يرأسها العلامة الملا محمد باقر البالكي ، وشرع هناك بالدراسة عند الأستاذ (سيد مسعود) التمتمي، في مدرسة قرية (بالك ).
واستمر شيخنا أحمد كاكه محمود في الدراسة وأخذ العلم في المهجر، ثم قرر أن يرجع إلى مسقط رأسه مدينة خورمال واستقر في مدرسة خورمال عند الشيخ (ملا محمد الملا بهاءالدين) إمام ومدرس في الجامع الكبير/ خورمال ، المتبحر في العلوم الإسلامية النقلية والعقلية في كوردستان، وبعد مدة من البقاء في مدرسة خورمال استأذن من الشيخ (الملا محمد) ثم رحل مع الملا عبدالرحمن الحيدرى سنة1971م وقررا أن يزورا معاً مدارس كثيرة وعلماء مشهورين فى منطقة شهرزور وحلبجة لأجل الاستفادة وأخذ العلم من تلك المدارس، ومنها مدرسة في قرية (نه وى ) عند الملا محمد (ملجه ور) إمام ومدرس في تلك القرية عام1971م، وفي عام 1972م رجع إلى منطقة هورامان.
وهكذا استمر شيخنا في التجول دون انقطاع وتعب لتحصيل العلم وإعداد العدة حيث يحتاج إليها طالب العلم لأجل التدريس والدعوة والتبليغ حتى تكون دعوته موثوقةً لدى الناس، واستمر الشيخ في تجواله كطالب للعلم حتى وصل وبلغ مدينة العلم والعلماء والشعراء مدينة (حلبجة) التي اشتهر في سجل التاريخ بمدينه المساجد والمدارس والعلماء والشعراء ، ووجد هناك بغيته حيث توجه إلى مدرسة العلوم الشرعية في جامع (دارالسلام) وبدأ دراسته عند الشيخ نور الدين المفتي إمام ومدرس في تلك الجامع، الذى يترأس مدرسةً في الجامع، ثم توجه إلى الجامع الكبير ليواصل دراسته هناك عند الشيخ خالد المفتي ثم إلى مدرسة جامع (دار الإحسان) عند الشيخ ملا محمد عبابيليي, وأخيراً استقر فى مدرسة كبيرة في (جامع الباشا ) التي يترأسها العلامة الشيخ عثمان عبدالعزيز, وبقى في تلك المدرسة ليكمل دراسته عند الشيخ عثمان عبدالعزيز، ولم يترك الشيخ والمدرسة حتى أخذ الإجازة العلمية ، وحقيقةً كان الشيخ أحمد كاكه له ذكاءُ وإدراك في أخذ العلم والسعي المتواصل له ولذا اهتمّ به الشيخ عثمان بن عبد العزيز كثير الاهتمام ولم يتركه حتى أعطاه الإجازة العلمية، ومع هذا كان الشيخ واصل الدراسة الحكومية في (المعهد الإسلامي ) في مدينة حلبجة يديرها الشيخ علي عبد العزيز آنذاك ، هذا وقد حصل شيخنا أحمد كاكه محمود على قسط كبير من العلم والمعرفة والثقافة والأخلاق والصبر في هذه الرحلات، واستفاد من تجربة الآخرين، وحقيقة كان حياته مليئة بالتصدي والصبر أمام صعوبات الحياة ومرارة العيش وكثرة الترحال بين القرى والمدن ومن مدرسة إلى أخرى وحتى من دولة إلى أخرى وأنه كان بعد تصدره للإمامة والتدريس والفتوى وتكوينه للأسرة، ليس حاله بأفضل من قبل، وكان حياته بين كرٍّ وفرِّ من المدن والقرى، وحتى من دولة إلى أخرى، لأنه كان من المعارضين للسلطة العراقية آنذاك ، هذا وقد حضر حفل التخرج للشيخ أحمد كاكه محمود كل من العلامة الأستاذ الملا (عثمان عبدالعزيز) المجيز والملا (عمر بن عبدالعزيز )، ولمدة ثمانية عشر عاما إستمر في الدراسة وطلب العلم والجهد لكسب العلوم الإسلامية.
وأيضاً كل من الملا (صالح عبدالكريم ) والملا (محمد) مدرس في مدرسة جامع (دار الإحسان ) وكل من شيوخه السيد (نجم الدين طه) والشيخ (صديق السركتي) كل واحدٍ منهم صاحب مدرسة عظيمة للعلوم الشرعية يتوجه اليها طلاب العلم من العراق وإيران .
نص الإجازة العلمية للعلامة الملا عثمان عبدالعزيز:
(الحمد لله دل بذاته على ذاته، وتقدس في صفاته عن شائبة النقص وسماته، وشهد على وحدانيته نظام ملكه، وانتظام مصنوعاته، وزين سماء الدنيا بنجوم العلماء الراسخين الذين هم ورثة الأنبياء بشهادة سيد المرسلين، يامن هو شاهد في النص الإجازة العلمية للعلامة الملا عثمان عبدالعزيز:
(الحمد لله دل بذاته على ذاته، وتقدس في صفاته عن شائبة النقص وسماته، وشهد على وحدانيته نظام ملكه، وانتظام مصنوعاته، وزين سماء الدنيا بنجوم العلماء الراسخين الذين هم ورثة الأنبياء بشهادة سيد المرسلين، يامن هو شاهد فى العين ولا تشاهده العين، وأقرب من كل شىء من عينه، وقد حال الحجب في البين.
صلِّ على حبيبك الهادي إليك بعدما وقب غاسق الجهالة، وسلم على صفيك القائد إلى جانبك حيث انتقب وجه محجته بظلم الضلالة.
سيدنا ومولانا محمد المظهر الأتم، فاتح الكنز المطلسم، خط الوحدة بين قوسي الوجود والعدم، وعلى آله وأصحابه براهين الإستقامة ونجوم الهداية في الحل والحرم.
وبعد:
فيقول العبد العاجز، الغريق في بحر الذنوب والعصيان ابن السيد (الملاعبد العزيز) (عثمان) عفا عنهما الملك الرحيم المنان: أن العلم لواء قدره مرفوع لايوضع، وأساس غرر موضوع لا يرفع، من اعتصم به فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عنه ففي خزي الدنيا والآخرة يبقى، وقد تظاهرت الآيات والأحاديث والآثار على ذلك، وقال تعالى﴿قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ .
وقال: ﷺ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا، وقال: ﷺ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ، وقال ﷺ ((من يريد الله به خيرا يفقهه في الدين)) وإذا أراد الله بعبد خيراً فقهه في الدين، وألهمه رشده، أفضل العباد الفقه، أفضل الدين الورع. قال صفوان بن عسال : يارسول الله جئت أطلبُ العلم، قال: ((مرحبا بطالب العلم، فإن طالب العلم لتحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركبُ بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطالب، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ولكنهم ورثوا العلم)).
وقال علي كرم الله وجهه: ((كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه وكفى بالجهل ذما أن يتبرأ منه من هو فيه)) وأمثال هذه الآية والأحاديث والآثار كثيرة, وعن ذكرها غنى لكونها شهيرة، وإن ممن إهتدى بنور عنايته تعالى الى مدارج هذه المنقبة السنية, وارتقى بمعراج هدايته إلى معارج هذه المرتبة العلية, صاحب الخلق البهى والفضل الجلي أخى وحبيبي الملا (أحمد كاكه محمود) وفقه الله لاتباع سيّد الثقلين الحبيب المصطفى سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه.
لقد اتفق في برهة من الأوان، بل وقع في كثير من الزمان بيني وبينه البحث عن رموز الفروع والأصول, والكشف عن كنوز المنقول والمعقول فوجدناه للتحلي بحلل التّدريس حرياً وقميناً، ولتجلي بذل معارف العلوم صادقاً وأميناً, فأجزته بعد المعاهدة بقيام السنن السنية, والشيم المرضية, وإن كنت أعلم أني لست أهلاً لذلك، ولكن تشبهاً بأهلها, وتشبّثاً بأذيال الأعلام بتدريس ما تيسر لهم من العلوم كما أجازني سيدي ومولاي الذي كان به ثقتي، وعليه اعتمادي شيخي وأستاذي والدي (الشيخ عبد العزيز) نوّر الله مرقده, وأنعمه بجواره في دار الخلد, وعن أستاذه الجامع بين العلمي الباطن والظاهر، الحبر الذي جزو البحر الزاجر, مولانا السيد الملا (عبدالقادر) قدّس الله سره، عن شيخه وأستاذه الجامع لعلمي الظاهر والباطن فريد الزمان مولانا (أحمد النودشي) ابن مولانا (عبدالرحمن) أسكنهم الله تعالى أعلى فراديس الجنان, عن أستاذه مظهر ألطاف الملك المعطى مولانا (محمد الخطي) نوّر الله مرقده عن أستاذه المتخلق بالخلق الرباني مولانا (عبدالرحمن الروزبياني) عن أستاذه النّوراني (صبغة الله أفندي الماوراني) عن والده ذي الفيض الجارى (مصطفى أفندي الزيباري) عن أستاذه الذي يسيل علمه كسيل الوادي على أهل البلاد والبواردى (صبغة الله أفندي الحسين آبادي) عن والده الأفخر مولانا (إبراهيم بن حيدر) عن والده الأكرم الأمجد مولانا (حيدر بن أحمد) عن والده الأنور (أحمد بن حيدر) عن والده الأفخم الأكمل (حيدر الأول) وهو تلميذ شيخ الإسلام صدر المحققين مولانا (زين الدين الكوردي البلاني) تلميذ (نصرالله الخلخالي) تلميذ مولانا (ميرزاجان) تلميذ العقل الحادي العشر (السيّد الشريف الجرجاني) تلميذ (مبارك شاه البخاري) تلميذ (قطب الدين الرازي) تلميذ (العلامة الشيرازي) تلميذ (الكاتب القزويني) تلميذ أبي المعالى إمام الحرمين (عبد الملك بن يوسف الجويني) تلميذ (أبي طالب المكي) وهو أخذ الإجازة والإرادة ولبس الخرقة من (أبي عثمان المغربي) وهو عن (أبي عمرو الزجاجي) وهو عن سيد الطائفتين (جنيد البغدادي) وهو عن خاله (السري السقطي) وهو عن تاج الأولياء (المعروف الكرخي) وهو عن الإمام المرتضى الإمام (علي الرضا) وهو عن أبيه غرّة جباه الأعاظم الإمام (موسى الكاظم) وهو عن أبيه كاشف غوامض الحقائق الإمام (جعفر الصادق) وهو عن أبيه أسعد السعداء الإمام (الحسين سيّد الشهداء) وهو عن أبيه الإمام الهمام أسد الله الغالب باب مدينة العلم (علي إبن أبي طالب) كرّم الله وجهه وهو عن حضرة درّة صدف الوجود المخصوص بالمقام المحمود واللواء المعقود والحوض المورود والمكان المشهود الكنز المطلسم خليفة الله الأعظم معدن الصدق والصفا، سيّد الثقلين (أبي القاسم محمد المصطفى) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو عن أمر ذي النّور المبين بواسطة الروح عليه الصّلاة والسّلام.
اللهم أفض علينا من بركاتهم وأسلك بنا مسالك كراماتهم عند الوقوف بين يديك وأقرن بفاتحة السعادة آمالنا واختم بخاتمة الشهادة آجالنا آمين.
والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
المجيز /عثمان عبد العزيز محمد - 1971 الميلادية
شيوخه:
- السيد ملا حسين هو ابن الحاج سيد كمال ابن سيد محمد الحسينى..
- الأستاذ السيد الملا نجم الدين هو ابن طه ابن رسول.
- الأستاذ الملا مصطفى هو ابن الحاج عبدالرحيم ابن عبدالرحمن.
- الأستاذ السيد مسعود التمتمي.
- الأستاذ الملا محمد (خورمال)، هو ابن الملا بهاءالدين ابن الملا صادق.
- الأستاذ الملا محمد (ملا ملجَور)، ابن محمد ابن سعيد الملقب بـــ(ملا محمد ملجَور).
- الأستاذ الملا محمد عبابه يلي ابن الملا عبدالله ابن الشيخ قادر.
- الأستاذ الشيخ نورالدين المفتي اِبن الشيخ مصطفى اِبن الشيخ محمود المفتي.
- الأستاذ الشيخ خالد المفتي ابن الشيخ مصطفى ابن الشيخ محمود المفتي.
- الأُستاذ الشيخ الملا عثمان ابن عبدالعزيز ابن محمد ابن مصطفى.
- الاستاذ الملا فائق الشهرزورى ابن سعيد ابن رشيد.
تدريسه وتلاميذه:
بعد نيل الشَّيخ أحمد كاكه محمود الإجازة العلميَّة من شيخه عثمان بن عبدالعزيز، وإكماله دراسة العلوم العقلية والنقلية، واِكماله الدراسة الأكاديمية في المعهد الاِسلامي في مدينة حلبجة، وفي أوائل السبعينيات فقد أسند إليه مسؤولية التَّدريس والتوجيه والوعظ والإرشاد من قبل الحكومة العراقية في قضاء (بينجوين)، قرية (بناوه سوته) على الحدود العراقية الإيرانية ، ويفتح هناك مدرسة لطلاب العلم، ويبدأ بالتدريس ويجمع حوله طلاب العلم في العراق وإيران، لما كان يتمتع به من سمات أخلاقية رفيعة، ومكانة علمية متميزة بين الطلاب والعلماء، ناهيك عن مكانته ونفوذه في أوساط العشائر وشيوخ المنطقة، وكان شغفه بالتدريس يجعله لا يعرف الكلل ولا الملل، ويدرس الطلاب ويناقشهم بهدوء، ويُحاول أن يُفهم الطَّالب بأساليب مختلفة، وبعبارات متنوعة، وكان همّه إفهام الطَّالب وتعليمه. ويجتمع حول الشَّيخ دائماً الطلاب الأذكياء والمتفوقون، وبعض علماء المنطقة من الذين أخذوا الإجازة العلميَّة في أماكن أخرى ليدرسهم، وذلك لاطلاعه الواسع والشَّامل للعلوم الشَّرعيَّة كافة إلى جانب اطلاعه على الكتب المتداولة بين المدارس الشَّرعيَّة وطلابها في كوردستان. وظلّت مدرسته عامرة دائماً بعشرات من الطلاب المتفوقين وفي مدة تدريس الشَّيخ في مدرسة قرية (بناوه سوته) كان موفقاً وناجحاً في تدريس الطلاب وتخريج عدد مناسب من الموهوبين والدعاة المخلصين، وفي أواخر السبعينات انتقل الشَّيخ إلى مسقط رأسه مدينة خورمال ثم إلى مدينة سيروان، ففي أثناء تلك الفترة واضب الاِمامة والخطابة والوعظ والاِرشاد بين الشباب في المساجد والمحافل الدينية واستقبله النَّاس والطلاب بحفاوة كبيرة، واجتمعوا حوله، وباشر بالتدريس وجمع حوله طلاب العلم.
تلاميذه:
وقد تتلمذ على يد الشيخ أَحمد جمع غفير من طلبة العلوم الدينية والمثقفين، وانتهلوا من معين علمه، واستضاؤوا بضياء أخلاقه وورعه، بعد أن أحاط بالعلوم وبرع في العلوم الشرعية نقلية وعقلية وارتفع اسمه وذاع صيته، لاسيما عند ما كان خطيباً في ناحية سيروان، وجمع حوله طلاب العلم والمثقفين، وذاع إسمه وشهرته عن طريق محاضراته وخطبه ومؤلفاته بين الناس عامة وبين الشباب خاصةً، واشتهر بين أهل العلم وأصبح موضع إعجاب الكثيرين من الشباب المتنورين، فعد المئات منهم أنفسهم من ضمن تلاميذته بكل فخر واعتراز, حقيقةً كانت حياته بين كرّ وفرّ وشدّ الرحال من بلد إلى بلد ومن قرية إلى قرية داخل العراق وخارجه وكان يعد من المعارضين للسلطة آنذاك في العراق. ونحن هنا نذكر بعضاً من تلامذته على سبيل المثال لا الحصر.
- الأستاذ ملا محمد رازي.
- الأستاذ ملا عبدالله حسن بەك نەوي.
- الأستاذ شيخ محسن شيخ محمد شيخ أحمد شميرانى.
- الأستاذ ملا نعمت محمد عزت.
- الملا مصطفى ابن محمد ابن جعفر .
- الملا عبدالله ابن حمه مراد ابن مجيد.
- الملا جميل ابن محمد امين ابن احمد.
- الملا عرفان ابن احمد كاكه ابن محمود.
- الملا محمد بانيشارى.
- الملا محمد حمه صالح غفور.
- الملا غفور ملا صالح هركينه يي.
- الملا عزت كه وته يي.
- الاستاذ حسن عابد هورامى.
- الاستاذ على شكر كلارى.
- الاستاذ توفيق عبدالله خورمالى.
- الملا ابوبكر سيد نورى.
- الأستاذ أسعد آروزرى.
- الأستاذ حميد مصطفى بەلخەيي.
- الأستاذ سان أحمد عبدالرحمن.
- الأستاذ على شكر كلارى.
عقيدته:
كان الشيخ أحمد رحمه الله عالماً مستقراً وذو عقيدة راسخة صحيحة وسليمة ألا وهي:
عقيدة أهل السنة والجماعة، ويذكر في كتابه "العقيدة" وفي "تفسيره" رأي علماء السلف والخلف، وفي الأغلب كان مع السلف ويؤيد رأيهم، وكان بعيداً عن فكرة الإرجاء والخوارج وكان يؤمن بأن الحاكمية لايكون إلاّ لله رب العالمين .
مذهبه الفقهي:
المذهب الفقهي للشيخ احمد هو المذهب الشَّافعيّ. رحمه الله، ولا غرابة في ذلك لأنّ علماء كردستان العراق، والأغلبية الساحقة من أهاليها على مذهب الإمام الشَّافعيّ وينتمون إليه.
إنَّ الشَّيخ مع أنه ينتمي إلى المذهب الشَّافعيّ، ويفتى به بين الناس، إلاّ أنه لم يكن متعصباً للمذهب الشَّافعي، ويرجح أحياناً غيره من المذاهب الأخرى إنْ رأى الحق والصواب بجانبها.
ثقافة و وسعة علم الشيخ أحمد كاكه محمود:
عند ما ننظر في صفحات التاريخ, يتضح لنا أنه قد قام من العالم الإسلامي آلاف من العلماء الموهوبين والفقهاء المشهورين, والأساتذة المقتدرين, وكل واحد من هؤلاء خدم الإنسانية بشكل عام والعالم الإسلامي بشكل خاص في مجال معين أومجالات عدة، وهذا يظهر جلياً من خلال ما تركوه من آثار وأعمال جليلة وراءهم, وكل أمة إنّما تكون معروفة بمشاهيرها ورجالها وعلماءها، " لقد كان علماء الدين دائماً في تاريخ هذه الأمة هم قادتها وموجهيها، وهم ملجؤها كذلك إذا حزبهم أمر، وملاذها عند الفزع، تتجه إليهم لتتلقى علم الدين منهم، وتتجه إليهم ليشيروا عليها في أمورها الهامة، وتتجه إليهم إذا وقع عليهم ظلم من الحكام والولاة ليسعوا إلى رفع الظلم عنهم، بتذكير أولئك الحكام والولاة بربهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وكان العلماء يضطهدون من قبل ذوي السلطان أحياناً، ويلقون في السجون أحياناً، ويؤذون في أبدانهم وأموالهم وكراماتهم أحياناً ولكنهم يصمدون لهذا كان، تقديراً لمسؤلياتهم أمام الله".
وحقيقةً فإن سماءَ كوردستاننا العزيزة وأفقها لم يخلوا أبداً من النجوم المشعة والمتألقة, بفخر شديد فإنها صاحبة العديد من العلماء والشخصيات المعروفة، الذين استطاعوا بفضل الله تعالى وعلى مد التأريخ وفي مناطق كوردستان كلها داخلها وخارجها ان يخدموا دين الله والناس وأن يكونوا مثالاً يقتدى بهم, ونبراساً يهتدى اليهم، ومن هؤلاء الصلحاء والعلماء، سلطان (صلاح الدين الأيوبى ) والعلامة المفتي (محمد الزهاوى ) وبديع الزمان الشيخ (سعيد النورسي ) وغيرهم من أئمة الأعلام الذين اشتعلوا النور وأعادوا للاُمة روحها وحياتها من جديد تزامناً مع صحوة علمية مباركة في كوردستان يقودها العلماء الأعلام ، ومن العلماء والدعاة المعاصرين بالصحوة الإسلامية في كوردستان أمثال الشيخ (عثمان عبدالعزيز) والشيخ (عبدالعزيز البارزاني) والأستاذ (عمر الريشاوي) والدكتور (مصطفى البينجويني) والأستاذ (حسن الشميراني) وغيرهم من الدعاة.
وأيضاً من هؤلاء العلماء الأجلاء العالم بالعلوم النقلية والعقلية والداعية الذي يشار اليه بالبنان في كوردستان الشيخ (أحمد كاكه محمود) وكان عالماً بالعلوم الإسلامية ومتضلعاً فيها التى تعرف في ذلك الوقت بـ (العلوم الاثني عشرية ) وهي (علم النحو، والصرف، والبيان، والبديع، والمعان، والآداب (آداب البحث والمناظرة) والمنطق، والكلام (العقائد) والهيئة والفلك، والتفسير، والحديث الشريف ) والشيخ أحمد كاكه حقاً ذو ثقافة واسعة، واطلاع كامل في العلوم الاسلامية والكتب المتداولة ، وكان كثير المطالعة والقراءة، سياسي صادق، مجاهد مخلص، شيخ وارع، كلما تراه إما قارىء للكتب أوكاتباً ، وكان كثيراً يهتم بالعلوم الإسلامية، وحقا كان فقيهاً يقدر العلم ويهتم بطلاب العلم والمدارس الشرعية ومع أَنه قيادي في الحركة الإسلامية كان محامياً ومشجعاً ومدافعاً للمدارس والعلوم الشرعية ويصرف كثيراً من أوقاته بالمطالعة والكتابة والتدريس , وكان له ذكاءٌ وإدراك في أخذ العلم والسعي المتواصل له، ولذا فقد اهتم به العلامة الشيخ عثمان بن عبد العزيز كثير الاهتمام، ولم يتركه حتى أعطاه الإجازة العلمية, وكان يحب المناظرة الشريفة في العلم، فيظن أَنها سبيل الى تعمق الفكر والتدقيق في العلم من حيث الأخذ والعطاء، كثيراً يسأل زملاءه ويعرض عليهم أسئلةً وأبحاثاً علمية .
[email protected]