ولادتـه ونشأته:
اِسمه ونسبه وكنيته ولقبه:
إسمه:
سموه (أحمد) ـــ تفاؤلاً وتبريكاً بإسم سيد الخلق "صلى الله عليه وسلم" وحبيب الحق وأيضاً تطبيقاً للآية القرآنية حيث قال تعالى: ﴿وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ﴾ والحديث النبوي حيث قال صلى الله عليه وسلم (سموا باسمي ) و كما كان يفعل كثير من العوائل الكوردية تسمية أحد من أبنائهم باسم النبي "صلى الله عليه وسلم".. هو (أحمد)، اِبن كاكه ابن محمود اِبن علي اِبن خدر من أسرة مسلمـة متدينــة، ولد من أبوين كريمين ونشأ في أكناف عـائـلـة متواضعة.
كنيته: أبو فاروق.
لقبــــه:
كان الشيخ أحمد كاكه محمود مشهور بين الناس باِسم أبيه وجده، وهذا ماتلاحظه في كثيــر من فتاواه ومؤلفـاتــه، ومن رســائـلــه التي أرسـلها إِلى أحبــائــه وأصدقــائــه، وكان يدعى بين أقربـائه وأقرانـه بــ(ملا أحمد) وهو لقب علمي لعلماء الدين في المنطقة ولأنه كان دائمـا يفتخر بالمسلك العلمي ويشجع العلماء بأن يكونوا قدوة لغيرهم في كافة شؤون الحياة ، وأيــضا عنده لقب آخـر وهوالشيخ (أحمد يالانبيي) نسبة إلى القريــة التي ولـــد فيها، لأنـــه فيــها عـاش آبــاؤه وأجــداده، ولهـذا في بـعض الأحيـان يدعى بـ(يـالانـبيـي)، ولـيــس هــــذا بغــريب اللـــقب باسم القــرية أو المدينة، فعلماء كثـيرون مشهورون بين الناس باســم قريتهم أو مدينتهم كـأمثــال (اِبن حجر العسقلاني ) نسـبة إلى مدينة عسقلان و(أبوحنيفة الدينوري ) نسبةً إلى قرية دينور .
مولده والمنطقة التي عاش فيها:
ولادته:
ولـد الشيخ الداعية المجاهد (الملا أحمد كاكه محمـود) عام (1950م) الميلادية في قرية (يالانبي) في منطقة المسماة بـمنطقة هـَورامــان ، التابعة من الناحية الإدارية لناحية خورمال / قضاء حلبجة/ محافظة السليمانية .
وهذه المنطقة هَورامان لها سابقة تاريخية قديمة تدل على وجود الحياة والتعايش فيها بين الناس منذ أزمان قديمة إذ يوجد فيها دلائل تأريخية تثبت أن هناك تعايش دوماً بين الناس قديماً قبل الفتح الاِسلامي، فيما بينهم وبين الآخرين ويتعاملون معهم من الناحية الاِجتماعية والسياسية، وخاصةً بين المنطقتين (هَورمان) و(لورستان) منذ زمن (الكوتيين) و(اللولويين) ودامت هذا التواصل والتعامل حتى قرن (11الميلادية ).
نشأته:
نشأ الشّيخ أحمد كاكه محمود في اَكناف عائلة متدينة متواضعة، معتمدة على نفسها بعد الله سبحانه وتعالى، عاش كسائر الناس في القرية، وترعرع في رعاية وأحضان والدين كريمين شفيقين، وقد غرسا بذور الاِيمان والتوحيد والطهر والعفاف في شغاف قلبه، وغرسا حب الدّين والعلم والعلماء والتعلق بالمسجد في قلبه، وهو طفل صغير فأحب مجالسة أهل العلم والصلاح والتقوى في ريعان شبابه، ربّاه أبٌ صنون (الحاج كاكه) يعيش على عمل يده في إعالة اُسرته يستغني عن الناس وكان من فضائله أنه كان سخياً كريماً يكرم الضيف ويحترم الآخرين، كان متديناً يحب العلم والعلماء، ويشجع أبناءه على تعلم العلم في جامع القرية , وأُم حنون (الحاجة خاتون) الكريمة بنت الكريم تأمل دائماً لو أن أحداً من أولادها قرأ القرآن تستمع منه، وهي تقول: {كان في يوم من الأيام عندما سمعت أنَّ شيخاً جاء لقريتنا كان اسمه السيد حسين من أهالي القرى الإيرانية وسمعت صوته من الجامع أنه يؤذن كان حسن الصوت، قالت وددت لو أن أحداً من أبنائي هكذا يؤذن، لذا أخذت بيد ابني أَحمد وذهبت به إلى الشيخ سريعاً، وقلت له ياشيخ هذا ولدي أَحمد علمه القراءة والقرآن، وجعلنا له جعلاً لكي يختم عنه القرآن } وختم القرآن على يديه ، ونشأ الشيخ أحمد وترعرع في القرية الجميلة الهادئة وذالك البيت المتواضع بعيداً عن الشغب والإغرائات المادية والاِنحرافات التربوية، وأصدقاء السوء، وحقيقةً كان لتلك التربية الأُسرية الكريمة أثر طيب في استقامة الشيخ بعد ما كبر وصار عالماً.
زواجه وأولاده:
زواجه:
ولما بلغ الشيخ أحمد كاكه محمود الثانية والعشرين من عمره قرر الزواج فى سنة 1972م، مع السيدة الفاضلة إسمها (محبوبة خان) الكريمة بنت الحاج صديق بن فرج من مدينة خورمال , ووالدتها الكريمة (مايجمين خان) بنت الحاج صالح بن فرج، من أسرة متدينة متواضعة، وهاهي السيدة محبوبة خان تحكي لنا قصة زواجها مع الشيخ { تقول: لم أكن أعرف الشيخ قبل الزواج ولا هو يعرفني، ولكن مرة مع خاله زارا والدي وهو مريض، وكان أبي في القبل تمكن له التعارف مع الشيخ وهو لحبه الشديد للعلم والعلماء تعارف مع أبي فاروق بواسطة المرحوم الملا محمد بهاءالدين في مدينة خورمال، وبعد فترة وجيزة زارتنا أسرة الشيخ التي تكون من أبيه وأمه وخاله والشيخ نفسه، وتكونَّا الزواج}، وعلى الرغم من أن السيدة (محبوبة خان) كانت اُميةً، ولكن بعد فضل الله أنَّ أباها (الحاج صديق ) كان رجلاً صالحاً، يحب العلم والعلماء ويجالسهم، وهو قد قرأ القرآن عند العلماء في مدينة خورمال، وعلّم أولادها القراءة والقرآن ومن ضمنهم علّم بنتها (محبوبة خان) قراءة القرآن، وأيضاً حباً لأحفاده وهو يعتني بأولاد الشيخ، ويشجعهم على التخلق بالإسلام ، وأما بالنسبة للأُم الكريمة السيدة (مايجمين خان) كانت امرأة أمية، ولكنها كانت فاضلة متخلقة بأخلاق اُمهات المؤمنات، تحب الله ورسوله، وهي دائمةً لسانها رطب بذكر الله سبحانه وتعالى، وكانت تحب الفقراء، وكانت شديدةً في حبها للعلماء والصلحاء، وتمكنت لها زيارة البيت الله الحرام قاصدة الحج.
وكانت السيدة (محبوبة خان) تشارك زوجها الشيخ اَحمد كاكه محمود في كل مراحل الحياة صابرة ومحتسبة, وتساعده في تخفيف كلِ معاناته، كما تعوض عنه في كثير من الأحيان إجاباته الشرعية على استفتاء النساء فيما يتعلق بالأمور الخاصة بهن، وتنقل لهنّ ما يصدر من الإجابة على أسئلتهن، وكانت السيدة (محبوبة خان) شاركت زوجها في كل معاناة الحياة من كثرة الرحلات من قرية الى اُخرى، ومن مدينة الى اُخرى، فى سبيل نشر الدعوة والإرشاد، وهاجرت مع زوجها إلى (إيران ) عام (1987م) وهكذا أمضت الحياة مع الشيخ أحمد كاكه محمود حتى يوم 25/1/2007م، عندما كان الشيخ أجاب نداء ربه رحمه الله، وهي الآن تعيش في مدينة حلبجة معززة ومكرمة بين أولادها وأحفادها.
أولاد الشيخ أحمد كاكه محمود:
لقد وهب الله للشيخ أحمد كاكه محمود، من زوجته الكريمة (محبوبة خان) تسعة أولاد، أربعة أبناء، وخمس بنات، نتكلم عنهم باختصار حسب ترتيب العمر.
1.فاروق أحمد كاكه محمود:
الإبن الأكبر للشيخ، ولد في قرية (بناوسوته ) التابعة لقضاء بينجوين ، محافظة السليمانية، عام (1975م) دخل المدسة الابتدائية وهو في السنة السادسة من عمره ولم يتمكن له إكمال الدراسة من أجل هجرته مع أسرته إلى إيران عام (1987م) وهو الآن يعيش في السليمانية، متزوج وأب.
2.الاُستاذ عـرفان أحمد كاكه محمود:
ولد في قرية (بناوسوته) عام (1976م) وتلقى العلوم الإسلامية منذ صغره عن والده، وهاجر إلى إيران، ودخل هناك المدارس الأهلية واستقر عند الشيخ ملا محمد يوسف الراهنموني في مدينة مريوان، وفي سنة 1993م رجع إلى العراق لاِستدامة دراسته عند علماء كوردستان أمثال الملا سيد نجم الدين طه ، والدكتور أحمد الشافعي ، وأخيراً درس على يد الشيخ عثمان شيخ والده وأخذ منه الإجازة العلمية ، وارتحل الى دولة اليمن ، وتسنى له الألتقاء بعلمائها كأمثال الشيخ (عبدالمجيد الزنداني).
وكذالك التقى بالشيخ الدكتور (عبدالكريم الزيدان ) وفي عام 2001م يحصل على شهادة البكالوريوس في مجمع أبي نور (جامعة أم درمان) في سوريا، وبعده رجع إلى كوردستان تصدر للتدريس واشتغل بالتدريس في المواد الإسلامية في مدارس أهلية وحكومية، والآن يعيش في مدينة السليمانية متزوج وأب، ويشتغل بدراسة وطباعة كتب ومخطوطات أبيه، وقد كان عضوا بارزا في الحركة الاسلامية في كوردستان.
3.سمية أحمد كاكه محمود:
ولدت في ناحية (خورمال) عام (1979م) ودخلت المدرسة ولم تتمكن لها تكميل الدراسة وهي متزوجة وأم.
4.نسيبة أحمد كاكه محمود:
ولدت في ناحية (سيروان ) عام (1982م) كملت الدراسة الإبتدائية فقط وهي متزوجة وأم.
5.هدى أحمد كاكه محمود:
ولدت في ناحية (سيروان) عام (1984م) وهي طالبة في مرحلة السادسة الإعدادية تعيش مع امها وتشتغل بكتابة وطباعة كتب ومخطوطات أبيها.
6.صهيب أحمد كاكه محمود:
ولد في ناحية (سيروان) عام (1984م) صحفي والإعلامي ويواصل الدراسة الإعلامية في (جامعة السليمانية ) وهو يعيش في السليمانية، ومتزوج وأب .
7.محمد أحمد كاكه محمود:
ولد في قرية (بشارة ) عام (1987م) ومتزوج يعيش مع امه، وهو متعاون أساسي في كتابة وطباعة كتب ومخطوطات أبيه، وخاصة كتاب تفسير (رامان).
8. كوجر أحمد كاكه محمود: ولدت في مجمع (دزلي ) عام (1988م) وأكملت المرحلة السادسة في التجارة وهي متزوجة تعيش مع أسرتها في مدينة (هولير ).
9. هدية أحمد كاكه محمود: ولدت في مجمع (دزلي) عام (1991م) طالبة في الصف السادس الأدبية وهي تعيش مع اُمها في مدينة حلبجة.
مرضه و وفاته:
مرضه:
كان الشَّيخ رحمه الله، معافى البدن يتمتع في حياته بجسم سليم إذ كان لا يشكو من ألم في بدنه إلاّ في الأيام الأخيرة من عمره، فقد شكى من ألم في الكتف، وكان الشّيخ أحمد أيضاً لم يعان مرضاً مزمناً في حياته، ولم يكن عنده أىَّ مرض آخر، كان نشط الجسم لأنه عندما فتح عينه في الحياة فوجد نفسه بين جبال هورامان في قرية يالانبي التي تعد من القرى الجميلة في المنطقة، وهي قريبة من مصايف (أحمدآوا) و(سه رجاوه ي زلم) اللتان تعدان من أجمل وأحسن مصايف في كوردستان، يرحل اليه في العراق وإيران، إلاّ أنّ الشّيخ أحمد أصبح قبل أسبوعين من حياته يعانى من هذا الألم من بين كتفيه، كما تحكي لنا زوجته (محبوبة) وهي تقول: قال الشيخ في يوم الخميس أَجد ألماً بين كتفي ، وأما ابنه الأُستاذ عرفان يذكر لنا شيئاً من أَيام مرض الشيخ قبيل وفاته بأسبوع ويقول قبل أسبوع من وفاة والدي الحبيب ذهبت انا مع الوالد الحبيب الى مجلس عزاء لهم مآساة وتعزية، وفتح الوالد في المجلس باباً يذكر فيه نعمة الموت ولقاء الإنسان بربه سبحانه وتعالى بصورة معجبة أعجبت كثيراً من الجالسين وبعد رجوعنا إلى المنزل أحسست شيئاً من القلق في وجه أَبي، وقبل ايام قليلة من وفاته طلب والدى من اخي صهيب أن يرافقه الى مقبرة (كولان) التي دفن فيه كثير من شيوخه العلماء الأجلاء أمثال الشّيخ المفسر العلامة الاستاذ الملا عثمان عبدالعزيز والشيخ الملا محمد بهاءالدين والشيخ خالد المفتي والسيد نجم الدين طه، فلما وصلوا زارهم ودعا لهم من الله سبحانه ان يرفع درجاتهم في الجنة وان يلتقي هو بهم تحت لواء سيد المرسلين.
وفاتـــه:
وقد قلنا من قبل أن الشّيخ أحمد كاكه محمود كان لم يعان المرض المزمن في حياته، ولكن في وقت غير بعيد من وفاته وهو يحس شيئاً من الألم بين كتفيه وقدعانى أَياماً بهذا الوجع والألم قبيل وفاته بأسبوع، وكان في صباح يوم الخميس بتأريخ (5 محرم 1429 ه مقابل 25/ 1/2007 م) بعد ما صلى صلاة الصبح، وشغل نفسه بالأذكار والدعوات وقراءة القرآن، وفى رأس ساعة (6) صباحا أسلم روحه للحق سبحانه وتعالى، تقول زوجته السيدة (محبوبة خان) عندما صلي الشيخ أحمد صلاة الصبح، وجدت شيئاً من القلق في وجه الشيخ أحمد وقلت ماذا بك يا أَبا فاروق، فأجابني وقال: أجد شيئاً من الألم في بدني وقرأ هو بنفسه دعاءً ومسحه بجسمه وقال ياشافي ياشافي ياشافي، وأسلم روحه لربه سبحانه وتعالى ، هذا ولما شاع خبر وفاته اضطربت الناسُ في مدينة حلبجة وضواحيها وتوجهت الجماهير الغفيرة وفي مقدمتهم علماء الدين بقلوب يملؤها الحزن والآسى وساروا به إلى مثواه الأخير رحمه الله تعالى ليستريح مع شيخه ومربيه العلامة الداعية الأستاذ الشيخ الملا عثمان عبدالعزيز ومعلمه الأستاذ الشيخ سيد نجم الدين طه رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته آمين، هذا وأقيمت له في مدينة حلبجة مراسماً ومجالساً للفاتحة بما يناسبه رحمه الله تعالى وغفر لذنوبه ان شاءالله تعالى.